إشارة إلى أن هؤلاء الذين أهلكهم الله من القرون السابقة، إنما أخذهم الله بذنوبهم، وما ظلمهم الله بهذا العذاب، بل هم أوجبوه على أنفسهم، بكفرهم وضلالهم..
فكانوا بذلك ظالمين لأنفسهم، إذ عدلوا بها عن طريق الأمن والسلامة، ومالوا بها إلى طرق البلاء والهلاك..
قوله تعالى:«فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» .. هو بيان كاشف لما حلّ بهؤلاء الظالمين من بلاء، وأن هذا الذي نزل بهم هو من آثار ما عملوا من سوء، ومن معقبات مكرهم بآيات الله، واستهزائهم برسله.. وفى هذا تهديد للمشركين الذين يحادّون رسول الله، ويهزءون بآيات الله..
قوله تعالى:«وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.. فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ» هو عرض فاضح، لمقولة من تلك المقولات الآثمة، التي يرمى بها المشركون بين يدى شركهم، ليتخذوا منها حجة يحاجّون بها رسول الله، ويلزمونه التسليم بها، إذ يجيئون إليه بهذا المكر السيّء، حين يقولون:«لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ!» وتلك كلمة حق أريد بها باطل.. فلو أنهم آمنوا بمشيئة الله، واعترفوا بسلطانه المطلق، القائم على كل شىء، لآمنوا بالله، ولعبدوه، واتبعوا رسوله، الذي