يكشف لهم الطريق إلى الله.. ولكنهم لا يؤمنون بالله.. فكيف يؤمنون بأن له- سبحانه- مشيئة غالبة، وسلطانا قاهرا؟ وهل يتفق هذا القول الذي يقولونه مع اتخاذهم الأصنام آلهة يعبدونها من دون الله؟ إن ذلك مما لا يستقيم مع منطق القول الذي يقولونه.. ولكن هكذا يفعل الضلال بأهله.. «وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً»(٤١: المائدة) - وقوله تعالى: َذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ»
هو وصل لهؤلاء المشركين بمن سبقهم من أهل الضلال، من القرون الغابرة.. إنهم ليسوا وحدهم هم الذين قالوا هذا القول.. فهم حلقة فى تلك السلسلة الآثمة، التي تنتظم الظالمين، وتجمعهم فى قرن واحد! - وفى قوله تعالى:«فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ» - هو قطع لتلك الحجة الكاذبة التي يحتجّ بها المشركون من كلّ أمة، ومن كل جيل..
وأنهم إذ تنكبوا الطريق المستقيم، وركبوا طرق الضلال، وجعلوا القول بمشيئة الله دليلهم على هذه الطرق- فليتركوا وما هم عليه من شرك، وما هم فيه من ضلال، حتى يلقوا ما يلقى المشركون الضالون من عذاب الله.. فلقد أعذر الله إليهم، وقطع حجتهم، بما أرسل إليهم من رسل.. «لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» .. وليس على الرسل إلا البلاغ المبين.. وقد أدّى رسل الله رسالة الله، وبلغوها إلى أقوامهم بلاغا مبينا واضحا.. «فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها» ..
قوله تعالى:«وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» - هو بيان لهذا البلاغ المبين الذي بلّغه رسل الله إلى أقوامهم.. ففى كل أمة بعث الله سبحانه وتعالى رسولا يدعوهم