للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسن، ومنه ما هو سيّىء.. وهؤلاء إنّما مكرهم من النوع السيّء الذي يبعدهم عن الخير، ويعرضهم للهلاك، والبوار. «وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ» فهل أمن هؤلاء الذين يدبّرون السوء، ويبيتون الشرّ والعدوان أن يخسف الله بهم الأرض، كما خسفها بالظالمين من قبلهم، أو يأتيهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون، كما أنى أمما وأقواما، مكروا بآيات الله وكذبوا رسله؟: «فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ» (٩٩: الأعراف) .

وقوله تعالى: «أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ.. فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» هو بيان لبعض الأحوال التي يقع فيها عذاب الله بأهل السوء والشقاق.. فهم إمّا أن يؤخذوا على حين غفلة.. وإما أن يلقاهم العذاب وهم فى يقظة، حيث يتقلبون فى وجوه الأرض.. أو يحلّ بهم البلاء وهم «على تخوف» أي على توقع للبلاء، بين يدى إرهاصات، تهدّد به وتنذر بوقوعه.. إن عذاب الله يقع حيث يشاء الله، ومتى يشاء.. وما هو من الظالمين ببعيد..

وفى قوله تعالى: «فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» إشارة إلى الله سبحانه وتعالى من فضل على هذه الأمة، إذ عافاها مما ابتلى به الأمم السابقة، حين عجّل لها العذاب.. أما هذه الأمة، فقد أفسح لله سبحانه وتعالى للفجّار من أهلها فى الأجل، حتى تكون لهم إلى الله رجعة، حين يطول وقوفهم مع رسوله الكريم، وبين يدى ما معه من كلمات ربّه.. وفى هذا مزيد فصل من الله سبحانه على نبيّه، إذ لم يفجعه فى قومه، ولم يهلكهم بسبب خلافهم عليه، ومكرهم السيّء به.. «فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» .. فهل يلقى هؤلاء المشركون المعاندون رأفة ربّهم بهم ورحمته لهم، بالإقبال عليه، ومصافاة رسوله وموادّته؟

ذلك ما كان يجب أن يكون!

<<  <  ج: ص:  >  >>