تفيأ الظلّ: تنقل من جهة إلى أخرى.. والداخر: الصاغر، المستكين..
وفى الآية الكريمة وعيد للمشركين، واتهام لعقولهم الضالّة المظلمة، التي أخرجتهم عن نظام الموجود كلّه، فكانوا نغما نشازا، لا يتناغم مع لحن الموجودات، المسبّحة بحمد الله ربّ العالمين..
وقد أراهم الله سبحانه فى هذه الآية الكريمة صورة محسوسة لهذا الوجود وقد سجد فيه كل موجود، ولاء الله، وخشوعا لجلاله وعظمته..
فما خلق الله من شىء يرونه، فى عالم الجماد، أو النبات، أو الحيوان، إلّا كان له ظل، يتبعه، ساجدا على الأرض، سجود العابدين الخاشعين.. فى ذلة وانكسار لله الواحد القهار..
- وفى قوله تعالى:«ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ» إشارة إلى تلك الأشياء المحسوسة، التي يحدّث جسمها عنها، وينبىء عن وجودها، فهى ليست من عالم المعقولات، ولهذا كان لها ظلّ، لما فيها من كثافة..
- وفى قوله تعالى:«يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ» خروج على مألوف النظم، وهو إما أن يجىء هكذا:«يتفيّأ ظلّه» أو هكذا: «تتفيأ ظلاله» بمعنى أنه إذا أفرد الفاعل جاء الفعل مذكرا، وإذا جمع الفاعل، جاء الفعل مؤنثا.. ولكنه فى النظم القرآنى، جمع بين الأمرين.. فجاء بالفعل مذكرا وبالفاعل جمعا.. وهذا إعجاز من إعجاز القرآن الكريم، إذ دلّ بهذا على أن الفاعل، وهو «الظل» هو مفرد فى أصله.. هو شىء واحد، ولكنه فى أفعاله، وحركاته، بين القبض والبسط، والتحرك من يمين إلى شمال، يكون ظلالا، لا ظلا واحدا.. فهو جمع فى واحد، وواحد فى جمع!! وهذا بيان لا يكون إلا فى كلمات الله، وفى كتابه المبين..