مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أنه لمّا ذكر فى الآية السابقة، أن القرآن الذي نزل على النبىّ، هو شفاء لما فى الصدور وروح للأرواح، وحياة للنفوس، فناسب أن يذكر ما ينزّل من السماء من ماء هو روح الحياة، وحياة الأحياء..
وبهذا تتم نعمة الله، حيث ينزل على عباده من رحمته، ما تحيا به حياتهم، المادية والروحية، جميعا..
وفى قوله تعالى:«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» إشارة إلى أن الآية المبصرة هى التي يتلقّاها الناس من كلمات الله، حين تتلى عليهم، لا من تلك الآيات الكونية التي يرونها بأبصارهم.. فهذه الآيات الكونية وإن كانت موطنا للعبرة، ومرادا للتبصرة، إلا أن كلمات الله التي تعيها آذان واعية، وتتلقاها قلوب متفتحة- هذه الكلمات هى أوضح بيانا، وأفصح لسانا، وأفعل أثرا، إذ هى النور الذي تنكشف على أضوائه الآيات الكونية المبثوثة فى الأرض والسماء.. وهذا هو السر فى أن جاءت فاصلة الآية الكريمة:«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» ولم تجىء هكذا: «لقوم يبصرون» حيث كان ذلك هو التعقيب المناسب للآية التي تحدّث عن الماء الذي ينزل من السماء، وأثره فى إحياء الأرض.. وكل هذه صور ترى ولا تسمع» .