اختلف المفسرون، وتعددت آراؤهم فى تأويل الضمير فى قوله تعالى:
«مِمَّا فِي بُطُونِهِ» فهذا الضمير مفرد مذكر، يعود إلى «الأنعام» والأنعام جمع، فكان مقتضى هذا أن يعود الضمير إلى الأنعام مؤنثا هكذا:«بطونها» ..
إذ أن كل جمع غير عاقل، يعود عليه الضمير مفردا مؤنثا.. وقد جاء على تلك الصفة فى قوله تعالى فى سورة «المؤمنون» : «وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ»(الآيتان: ٢١- ٢٢) فما تأويل هذا؟ ولم اختلف النظم فى الآيتين، فجاء فى آية النحل هكذا:
«مِمَّا فِي بُطُونِهِ» على حين جاء فى آية «المؤمنون» : «مِمَّا فِي بُطُونِها» .
يقول المفسرون: إن الأنعام، تجىء فى اللغة بمعنى المفرد، كما تستعمل جمعا.. وقد استعملت فى آية النحل بمعنى المفرد، واستعملت فى آية «المؤمنون» الاستعمال الآخر الذي لها، وهو الجمع!! ويأتون لهذا بكثير من الشواهد اللغوية للاستعمالين..
والقول بأن «الأنعام» لفظ مفرد، مثل ثوب «أخلاق» ونطفة (أمشاج) قول متهافت لا يراد منه إلا الخروج من هذا الموقف بين يدى الآية الكريمة، وتسوية نظمها على أية صورة!! فالقرآن الكريم لم يستعمل لفظ «الأنعام» مرة واحدة بمعنى المفرد، على كثرة ما ورد فيه من ذكر هذا اللفظ فى مواضع شتى.. فمن ذلك: