الوجود، فيرى ما لبسه من نعم الله عليه، وإحسانه إليه، فيحمده، ويشكر له..
قوله تعالى:«أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ.. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .. هو إشارة إلى آية من آيات الله، خارج كيان الإنسان، وعالمه الداخلى.. فإذا لم يكن فى الإنسان نظر يرى به ما بداخل كيانه، كما يقول الله تعالى:«وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ»(٢١: الذاريات) - فليقم نظره على هذا العالم الخارجي..
وليوجه مدار نظره على هذا الطير السابح فى السماء، الصّافّ بأجنحته على هذا العالم الأثيرى، وليسأل نفسه: من يمسك هذا الطير أن يقع على الأرض؟
ومن أعطاه تلك القدرة التي يقهر بها جاذبية الأرض، ويخرج بها عن سلطان هذه الجاذبية، فلا يسقط كما يسقط لإنسان القوى العاقل إذا هوى من فوق شجرة، أو دابة مثلا؟ إن القدرة القادرة- قدرة الحكيم العليم- هى التي تمسك بهذا الطير السابح، أو الصاف على موج الأثير.. فى جو السماء! «ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ» .
أليس فى هذا آية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد؟ بلى إنها لآية لقوم لا يمكرون بآيات الله، ولا يخونون أنفسهم بما تحدثهم به من الحق، فينكرونه فى عناد ومكابرة.
وإذا قصرت بعض الأنظار أن ترى ما فى جوّ السّماء من طيور سابحة، أو زاغت عن أن ترى وجودها الإنسانى، وما بداخلها من آيات الله فيها، فهذه آيات مبثوثة على الأرض.. لا تحتاج إلى نظر، وإنما هى مما يمسك باليد..