للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وأما فواتح السور، فقد تكلم الناس فيها بما يقتضى أن للعرب بها عهدا، كعدد الجمّل الذي تعرفوه من أهل الكتاب، حسب ما ذكره أصحاب السير، أو هى المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله تعالى، وغير ذلك، وأما تفسيرها بما لا عهد به، فلا يكون» «١» .

هذا ما يقرره الإمام الشاطبي فى جلاء لا يحتاج إلى تعقيب! والذي يمكن أن نقوله، هو أن القرآن الكريم هو مادة العلم، ومائدة العلماء، وأنه مادة لا تنفد أبدا بالأخذ منها، بل تزداد على الأخذ وتعظم، وأنه مائدة تسع الناس جميعا، وتعذّى عقولهم، ومشاعرهم، غداء طيّبا مشبعا، على اختلاف مداركهم، وتباين مشاعرهم..

وإن العلم هو الذي يجعل لنا نظرا كاشفا لبعض ما فى آيات القرآن الكريم من روائع وعجائب، وإن العلم هو الذي يعين على فهم المستور من أسرار الكتاب الكريم، وما أودع فيه من علم وحكمة..

إن العلم ليلتقى مع القرآن الكريم لقاء الماء يدفع به السيل فى صدر المحيط، فيذوب فيه، ويصبح بعض مائه، إذ ليس العلم كله- ما عرف الناس منه وما سيعرفون- إلا قطرة أو قطرات من محيط هذا البحر الزخار..

«قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً» (١٠٩: الكهف) .

فإذا انكشف للناس فى الحياة ضوءة من أضواء العلم، فهى بعض ما فى القرآن الكريم من علم، إذ كان مجتمع آيات الله ومكنون علمه.

هذا، ومع قولنا بأن القرآن الكريم، قد حملت آياته المطهرة، أسرارا


(١) الموافقات للشاطبى: الجزء الأول: ص ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>