للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسان مع إنسان، لقاء مطلقا! وفى هذا يقول الله تعالى: «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ.. وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ» (١١٨: ١١٩ هود) .

على أن اختلاف الناس هذا الاختلاف الذي لا يتشابه فيه إنسان مع إنسان، ليس بالذي يفرّق بينهم، أو يقطع علائق الإنسانية التي تشدّ بعضهم إلى بعض، وتجمع بعضهم إلى بعض، فهم وإن تفرقوا مدركات، وطبائع، ومنازع، واختلفوا مشارب ومسالك وسبلا- هم مجتمعون على مورد الإنسانية، حيث يجتمعون شعوبا، وقبائل، وأمما.. ثم تضيق شقّة الخلاف بينهم شيئا فشيئا، حتى تكون خطا واحدا يفصل بين المجتمع الإنسانىّ كله، ويجعله فريقين: مؤمنين وكافرين.. مهتدين وضالين. حتى لكأن ذلك فى أصل خلقتهم، كما يقول الله تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ.. فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» (٢: التغابن) .

- وقوله تعالى: «وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ» .. هو بيان لمشيئة الله الشاملة، التي إليها إضلال الضالين، وهداية المهتدين..

- وفى قوله تعالى: «وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» تحريك لمشيئة الإنسان وإرادته، مع إرادة الله سبحانه ومشيئته.. وذلك حتى لا يعطل الإنسان وجوده كإنسان له إرادة، وله مشيئة.

فمطلوب من الإنسان أن يعمل إرادته ومشيئته، وأن يحركهما فى الاتجاه الصحيح الذي يقضى به العقل، وتدعو إليه الشرائع السماوية، وتحدده القوانين الوضعية..

وكما لا يعفى الإنسان نفسه من التحلل من القوانين الوضعية، بل يعمل على حراسة نفسه من الخروج عليها، ويحذر الوقوع تحت طائلة العقاب المرصود له

<<  <  ج: ص:  >  >>