للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية جاءت صريحة بلفظ النسخ، على حين جاءت الآية السابقة بلازم النسخ، وهو تبديل آية بآية..!

ثم إنهم- بعد هذا، أو قبل هذا- يأتون شاهدا على ذلك بأكثر من رواية تحدّث عن سبب نزول هذه الآية.. وأنها كانت ردّا على المشركين، الذين كانوا كلما ورد نسخ لحكم من الأحكام التي كانت شريعة للمسلمين زمنا- قالوا: إن محمدا يقول ما يشاء، حسبما يرى.. ولو أن هذا القرآن كان من عند الله، لما وقع فيه هذا التناقض فى الأحكام، ولجاء الحكم قولا واحدا، لا نقض له، ولا تبديل فيه!! هذه بعض مقولات القائلين بالنسخ، وتلك بعض حججهم عليه..

ونحن على رأينا الذي اطمأن إليه قلبنا، من أنه لا نسخ فى القرآن.. وأن هذه الآية الكريمة- مع شىء من النظر والتأمل، ومع إخلاء النفس من ذلك الشعور المتسلط على جمهور المسلمين من أن النسخ فى القرآن حقيقة مقررة، تكاد تكون شريعة يدين بها المسلم، ومعتقدا يعتقده- نقول إن هذه الآية الكريمة لا تفيد بمنطوقها أو مفهومها دلالة على النسخ.. وذلك:

أولا: منطوق الآية هو: «وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ» .. فلو كان معنى التبديل المحو والإزالة، لما جاء النظم القرآنى على تلك الصورة، ولكان منطق بلاغته أن يجىء النظم هكذا: «وإذا بدّلنا آية بآية» .. ولما كان لكلمة «مكان» موضع هنا..

فما هو السر فى اختيار القرآن الكريم لكلمة «مكان» بدلا من حرف الجر وهو الباء؟ نرجئ الجواب على هذا الآن، إلى أن نفرغ من عرض القضية.

وثانيا: مفهوم كلمة «التبديل» بأنه محو وإزالة، أو تعطيل ونقض- يتعارض مع ما تنزهت عنه كلمات الله، من أي عارض يعرض لها، فيغيّر وجهها،

<<  <  ج: ص:  >  >>