للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ينقض حكمها، والله سبحانه وتعالى يقول مخاطبا نبيه الكريم: «وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا.. لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» (١١٥: الأنعام) فكيف تبدّل كلمات الله، وينسخ بعضها بعضا، وينقض بعضها ما قضى به بعضها؟ والله سبحانه وتعالى يقول فى وصف كتابه: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً.. قَيِّماً» (١- ٢: الكهف) ويقول فيه سبحانه: «قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» (٢٨: الزمر) ويقول فيه سبحانه وتعالى: «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً» (٨٢: النساء) .

وإذن فما تأويل هذه الآية؟ وما المراد بالتبديل لآية مكان آية؟

الجواب- والله أعلم- أن المراد بتبديل آية مكان آية هنا، هو ما كان يحدث فى ترتيب الآيات، فى السور، ووضع الآية بمكانها من السورة، كما أمر الله سبحانه وتعالى.. وذلك أن آيات كثيرة كانت مما نزل بالمدينة، قد وضعت فى سور مكية، كما أن آيات مما كان قد نزل بمكة، ألحقت بالقرآن المدنىّ..

وهذا الذي حدث بين القرآن المكي والمدنىّ من تبادل الأمكنة للآيات بينهما، قد حدث فى القرآن المكىّ، والمدني- كلّ على حدة- فكانت السورة المكية مثلا تنزل على فترات متباعدة، فتنزل فاتحتها، ثم تنزل بعد ذلك آيات آيات، حتى يتم بناؤها..

وعلى هذا، فإن تبديل آية مكان آية، هو وضع آية نزلت حديثا بمكانها الذي يأمر الله سبحانه وتعالى أن توضع فيه بين آيات سبقتها بزمن.. قد يكون عدة سنين..!

فقد اتفق علماء القرآن على أن آيات نزلت بمكة، ثم حين نزل من القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>