داعية يدعوهم إلى شكر الله، والولاء له.. وإلّا حلّ بهم عذاب الله، كما حلّ يتلك القرية الظالمة..
- وفى قوله تعالى:«إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ» تحريض المؤمنين على التمسك بالإيمان بالله، وإخلاص العبادة له وحده، وأن يقطعوا كل صلة كانت تصلهم بمعبوداتهم التي عبدوها من دون الله، وذلك أنهم كانوا فى جاهليتهم يدّعون أنهم مؤمنون بالله، وأنهم إنما يعبدون هذه الأوثان التي يعبدونها ليتقربوا بها إلى الله، كما يقول الله سبحانه على لسانهم:«ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى»(٣: الزمر) .. وهذا ضلال مبين، وشرك صراح بالله، فهو سبحانه الذي تفرّد بالخلق والرزق، فواجب أن يفرد بالولاء والعبودية.
قوله تعالى:«إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» - هو بيان لتلك المآكل الخبيثة التي يجب على المؤمن بالله أن يتجنّبها، حتى يكون مأكله حلالا طيبا. وتلك المآكل الخبيثة، هى: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما ذكر اسم غير اسم الله عليه.. فمن اضطر إلى أخذ شىء من تلك المآكل، «غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ» أي غير محلّ لها، وغير متجاوز حدود الحاجة التي يدفع بها الهلاك الذي يتعرض له- «فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» أي يتجاوز للمضطر عن هذا المنكر الذي ألمّ به، وعليه أن يخلّص نفسه منه فى أقرب فرصة تسنح له.
إنه أشبه بالتقيّة، التي يتقى فيها المؤمن بلسانه، الأذى الذي يعرض له، إذا هو وقع ليد عدوّ من أعداء الله..