للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيفا كما كان.. كل ذلك فى لحظة خاطفة كلمح البصر أو هو أقرب، دون أن يخرج الجسد عن سلطان «الروح» فى حالى تحليله أو تركيبه..! وذلك هو الإعجاز أو المعجزة التي تظهر من انتقال النبي الكريم بجسده الشريف إلى المسجد الأقصى، أو العروج به إلى السماء فى طرفة عين! ونعود بعد هذا، فنقول: إن الخلاف فى أن الإسراء والمعراج، كان بالجسد، وبالروح، خلاف لا يؤثر فى حقيقة الإسراء، وما نال الرسول الكريم فيه من ألطاف ربه، وما رأى من آياته.. وإن قدرة الله سبحانه وتعالى لا تتقيد بتلك القيود التي تحكمها الضرورات البشرية، وخير من هذا الخلاف الذي يذهب بجلال الإسراء، ويعبث بالستر الخفىّ الملقى عليه من عالم الروح- خير من هذا أن ننظر إلى الرسول الكريم فى موكب جلاله وعظمته، تحفّ به ألطاف ربه، وتحدوه رعايته، إلى حيث يسبح فى عالم الحق، ويطعم بروحه من طيبات الملأ الأعلى..

أما أن نجسّد العالم العلوىّ، ونحيله إلى أشياء من عالم التراب الذي نعيش فيه، فذلك مما يهوّن من خطر الإسراء والمعراج، ويزرى بقدرهما، ويبخس من قيمتهما..

إن الذي يطالع قصة الإسراء والمعراج، على تلك الصورة أو الصور المجسدة التي تعرضها كتب السيرة، والتفسير، ليموت فى نفسه كثير من تلك المشاعر الروحية، التي كان خليقا أن يثيرها فيه حديث الإسراء والمعراج، لو أزيح من طريقه هذا الركام الكثير من العوائق والسدود.. ولا تنخدع لتلك الأصباغ الساذجة التي يلطخ بها القصاص وجه الحقائق المادية، ليحعلوا لها بتلك الأصباغ وجها تدخل به إلى العالم العلوىّ.. فإن هذا «المكياج»

<<  <  ج: ص:  >  >>