فالبراق مثلا.. الذي يأخذ فى حديث «الإسراء» لونا بارزا صارخا- والذي يهيأ للرسول ليتخذ منه مطية إلى العالم العلوي- هذا البراق ليس إلا «أتانا» ركب عليه جناحان من ريش، فصار أشبه بلعبة من لعب الأطفال التي يؤلفونها من حطام بعض لعبهم التي انتهى دورها معهم..!
ثم هذا الحجر الذي يشدّ إليه الأنبياء دوابهم عند المسجد الأقصى، وتلك الحلقات المغروسة فى هذا الحجر لتمسك المقاود واللّجم- إنها جميعها لتمسك بالمعاني الكريمة العالية التي كان يجدها المرء فى نفسه لو أزاح هذا الحجر من طريقها، وانزاحت معه اللّجم والمقاود والسروج وغيرها، مما يكون فى مرابط الحيوان! وعلى أىّ فإن الإسراء، على أية صورة وقع، لم يكن فيه ما يخرج النبىّ الكريم عن بشريّته، ويباعد ما بينه وبين الإنسان الذي هو «محمد» ..
فقد عاد الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- بعد الإسراء، ولقى قومه مؤمنين، وكافرين، فلم ينكر أحد من أمره شيئا مما كان يعهد فيه.. حتى إن أعداءه أنفسهم لم يجدوا عليه أمارة من أمارات هذه الرحلة المباركة..
فإن خيرها كلّه كان مخبوءا فى كيانه، منطويا فى صدره، ساريا فى روحه..
إنه شأن من شأن الله مع نبيّه، وزاد روحىّ زوّده به ربّه، تكريما له، وترويحا عن كيانه المجهد المكدود.
وحديث المسلمين عن الإسراء، ينبغى أن يكون حمدا لله، وتنزيها له، وثناء عليه، أن أنزل نبيّهم هذا المنزل الكريم، ورفعه إلى هذا المقام العظيم،