للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً»

(٤٥- ٤٦: الأحزاب) .

ثم لينظر أولئك الذين يتحدثون عن «الحقيقة المحمدية» هذا الحديث الأسطورىّ.. فهل يجدون للنبىّ فى دخان هذا الحديث، وجودا؟ وهل يحققون له ذاتا؟

إنهم قد يقولون: إنا نراه بعيون غير عيونكم، وبقلوب غير قلوبكم، وبمشاعر وأحاسيس غير مشاعركم وأحاسيسكم!! ونقول لهم: إننا لسنا من عالم الملائكة، ولا من عالم الشياطين.. إننا بشر مثلكم نعيش على هذه الأرض.. ننظر بعيون بشرية، ونتعامل بقلوب إنسانية، ونعيش بمشاعر وأحاسيس آدمية! وبهذا الكيان البشرى نرى محمدا، ونتعامل معه، ونوليه قدره من الحب والاحترام والإجلال، ونتخذه إمامنا وقدوتنا، ونصلّى عليه، ونطلب له المزيد من الدرجات العلا عند ربه..!

«قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً» (١١٠: الكهف) إننا لم نلتق بمحمد إلا على أنه إنسان، نعرفه، ونعرف أصوله وفروعه، وقد عاش بيننا أربعين سنة من عمره لم يكن فيه ولا له إلّا ما فى الناس، وإلا لما للناس، حتى إذا شرّفه الله سبحانه وتعالى بالرسالة، أصبح بهذا التشريف رسولا من رب العالمين، شأن رسل الله جميعا.. وهذه الرسالة لم تغير من بشريته شيئا، ولو كان شىء من ذلك لما أنكرت عليه قريش أن يكون بشرا ثم يكون رسولا.. وفى هذا يقول الله على لسانهم، هذا القول الذي ينكرون فيه على الرسول رسالته: «أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا؟» . (٩٤: الإسراء) فصلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله، رسولا من أنفسنا، ورحمة وهدى للعالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>