القرآن، لم يكن لاختلاف النظم فيهما سبب ظاهر، وهذا أبعد ما يكون عن بلاغة القرآن وإعجازه، حيث لا تجىء كلمة أو حرف فيه، إلا ومعها ما لا حصر له من أسرار! وثانيا: إذا تقرر أن المرة الثانية، لم تجىء حتى نزول القرآن الكريم..
فهل وقعت بعد هذا، أم أنها لا تزال معلقة بالمستقبل، لم تقع بعد؟
والقرآن الكريم هو دليلنا فى الإجابة على هذا السؤال..
ففى قوله تعالى:«فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً» - فى هذه الآية نجد حديثا عن «المسجد» .. والمسجد كما هو معروف معلم من معالم الإسلام، وسمة من سمات بيوت الله التي يتعبّد المسلمون فيها.. إذ كان السجود أبرز عمل من أعمال المسلمين فى الصلاة.. ولهذا فقد كان الاسم الذي يعرف به المسجد الأقصى هو:«بيت المقدس» حتى إذا أسرى الله سبحانه وتعالى بالنبي الكريم إليه، أسماء- سبحانه- المسجد الأقصى.. وجعله بهذا الاسم، القبلة الأولى للمسلمين، كما جعله بهذه التسمية، مسجدا لهم يعبدون الله فيه.. ثم كان الوصف الذي يعرف به المسلمون فى المجتمع الإنسانى هو سمة السجود الذي فى وجوههم. كما يقول تعالى:«سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ.. ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ»(٢٩: الفتح) .
فذكر «بيت المقدس» باسم «المسجد» يشير إشارة واضحة إلى أن المرة الثانية، التي يقع فيها من بنى إسرائيل هذا الإفساد، إنما تكون فى العهد الإسلامى، وفى الوقت الذي يكون فيه بيت المقدس مسجدا للمسلمين، على خلاف ما كان عليه من قبل، حيث لم تشر الآية الأولى إلى المسجد، من بعيد أو قريب.. بل جاءت الآية هكذا «فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ» أي تنقلوا كما