يشاءون بين الديار، وهذا يعنى أن العدو الذي ابتلاهم الله به، كان متمكّنا، بحيث يمشى فى ديارهم، ويتخلل طرقاتها دون أن يخشى أحدا.
ونسأل مرة أخرى:
هل وقعت المرة الثانية؟ وهل جاء وعد الآخرة قبل يومنا هذا؟
والجواب هنا نأخذه أيضا من القرآن الكريم، ثم من أحداث التاريخ..
وننظر مرة أخرى فى الآية:«فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً» .
فهناك حقائق تقررها الآية الكريمة، وهى:
- أن الذين يتسلّطون على بنى إسرائيل فى هذه المرة، سيدخلون المسجد الأقصى.. «كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ» .
وهذا يعنى أمورا:
- أن الذين يدخلون المسجد الأقصى هذه المرة، قد كان لهم دخول إليه من قبل، وأنهم إنما يفعلون فى هذه المرة، ما فعلوه فى المرة السابقة..
- ودخول المسلمين المسجد الأقصى أول مرة، كان فى خلافة عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- وقد ظل فى أيديهم إلى أن دخله بنو إسرائيل فى هذه الأيام، من عام ألف وثلاثمائة وسبعة وثمانين للهجرة..
نعم.. خرج المسجد الأقصى من يد المسلمين إلى يد الصليبيين.. ثم أعيد إليهم مرة أخرى، على يد صلاح الدين.. ولم يكن لبنى إسرائيل حساب أو تقدير فى هذا الأمر..
- ودخول المسلمين إلى المسجد الأقصى وانتزاعه من يد الصليبيين، ليس له شأن بالدخول الذي سيدخله المسلمون، بعد أن ينتزعوا هذا المسجد من يد بنى إسرائيل، لأن بنى إسرائيل لم يدخلوا المسجد، ولم يستولوا عليه منذ الفتح الإسلامى، حتى وقع لأيديهم فى هذه الأيام.