تنهى هذه الآية عن حرمة من حرمات الله، وهى مال اليتيم، التي هى أشبه بحرمة النفس، التي حرّم الله قتلها، إلا بالحقّ.. فمال اليتيم، قد حرّم الله سبحانه وتعالى أن يقربه أحد إلا بالتي هى أحسن، أي بما فيه إحسان إلى اليتيم، وتنمية لماله، وتثمير له.. وبهذا يستحق القائم على هذا المال أن يأكل منه، فى مقابل الجهد الذي بذل فيه.. «وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ»(٦: النساء) .
- وفى قوله تعالى:«وَلا تَقْرَبُوا» تنبيه إلى هذا الخطر، الذي يتهدّد من يقرب مال اليتيم، ويطوف بحماه، حيث نوازع النفس إليه، ودواعى الطمع فيه، إذ كان ولا قدرة لصاحبه على دفع يد من يريده بسوء..
- وفى قوله تعالى:«وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا» هو إلفات إلى الأوصياء على اليتامى، وأن أموالهم هى أمانة فى يد هؤلاء الأوصياء، فهذا عهد أخذه الله عليهم وألزمهم الوفاء به.. وإن العبث بهذا المال، أو التفريط فيه، أو العدوان عليه- هو نقض لهذا العهد، وخيانة لتلك الأمانة.
- وفى قوله تعالى:«إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا» تنويه بهذا العهد، وتشديد النكير على من يغدر به، إذ جاء النظم مصورا العهد، بتلك الصورة الحيّة العاقلة، التي ترى وتعقل ما كان من أصحابها من غدر أو وفاء.. فإن هى سئلت، أجابت، وكشفت عن حالها مع الغادرين أو الموفين! قوله تعالى:«وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا» .
القسطاس: الميزان، ويقول اللغويون والمفسرون، إن الكلمة فارسية معرّبة..