وقد استعمل بمعنى العدل، كما فى قوله تعالى:«وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ» - ونحن نرى أنها عربية صميمة، فى بنائها، وفى ميزانها الصرفى..
وقد تصرّف القرآن الكريم فى هذه الكلمة على جميع الوجوه، فجاء منها بالفعل.. فقال تعالى:«وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» .. وبالمصدر فى قوله تعالى:«قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ» وباسم الفاعل فى قوله سبحانه: «وَمِنَّا الْقاسِطُونَ» .. وهكذا تصرّف القرآن بهذه الكلمة كما يتصرف فى كل كلمة عربية متمكنة فى عروبتها..
أما وزنها، فهو جار على وزن المصدر من الفعل الرباعي.. فقسطاس على وزن فعلال، من قسطس، مثل دحراج من دحرج، وزلزال من زلزل..
والتأويل: العاقبة، وهو ما يؤول إليه الأمر وما ينكشف مع الزمن منه..
والآية، تدعو إلى رعاية الحقوق، وقيامها على ميزان الحق والعدل، أخذا وعطاء..
والكيل والوزن، هما أكثر ما تقع الخيانة فيهما، ولهذا توعد الله سبحانه وتعالى الذين يعبثون بهما، ولا يرعون الأمانة فيهما، فقال تعالى:«وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ» .. بل إن الأمر لأكثر من هذا، فقد بعث الله نبيا كريما هو «شعيب» كانت رسالته قائمة على رعاية الكيل والميزان..