للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى هذه الآية ردّ على مقترحات المشركين التي كانوا يقترحونها على النبي، وهى أن يأتيهم بآية كما أرسل الأولون إلى أقوامهم، وجاءوهم بآيات ماديّة.. كعصا موسى، ويد عيسى، وناقة صالح، وطوفان نوح! فهذه الآيات، التي يقترحها المشركون، قد جاءت إلى أقوام مثلهم، فكفروا بها، ولم يروا فيها الدلائل التي تدلّهم على الله، وتهديهم إلى الإيمان به..

فكان أن أخذهم الله ببأسه، وعجّل لهم العذاب.

وهذا هو السبب الذي من أجله، لم يجىء الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- إلى قومه بآية كتلك الآيات.. لأنها كانت بلاء على من جاءت إليهم ولم يؤمنوا بها، ولن يكون حال هؤلاء المشركين مع أيّة آية يأتيهم بها النبي، بأحسن من حال الذين سبقوهم.. والله سبحانه وتعالى يقول عن هؤلاء المشركين:

«وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ» (١٤- ١٥: الحجر) .

- وفى قوله تعالى: «وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً» وفى وصفها بأنها مبصرة إشارة إلى أنها كانت آية واضحة، تعيش فى النّاس، وتتمشّى بينهم، يمرّون بها مصبحين وممسين.. وليست كعصا موسى، ولا يد عيسى، فكلتاهما تظهر المعجزة فيها بإذن من صاحبها، ثم تختفى، دون أن يتاح للناس تقليبها، وترديد النظر فيها.. وهذا هو بعض السرّ فى اختصاص ناقة صالح بالذكر هنا، إنها كانت تعيش مع الناس، بين سمعهم وبصرهم..

- وقوله تعالى: «فَظَلَمُوا بِها» إشارة أنها كانت سببا فى أن اعتدوا عليها، فأصبحوا آثمين، ظالمين.. فحقّ عليهم العذاب.

- وقوله تعالى: «وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً» أي ما نبعث بهذه الآيات

<<  <  ج: ص:  >  >>