المادية إلا لتكون نذر هلاك وبلاء لمن تأتيهم.. لأنه إذا لم يؤمن بها القوم المرسل بها إليهم- وهيهات أن يؤمنوا- كان لا بد أن يقع العذاب بهم، ويصبحوا فى الهالكين..
فمن رحمة الله بهذه الأمة، أن لم تأتها الدعوة إلى الله بين يدى آية مادية..
فإنه لو حدث هذا، لكان فيه القضاء على أهل مكة التي طلعت منها شمس الدعوة الإسلامية، ثم لا نقطع ما بين النبىّ وقومه الذين يدعوهم إلى الله، إذ لم يكن له- والأمر كذلك- قوم.. وبهذا تطوى الدعوة كتابها، وينسحب الرسول من الميدان..!
ولكن الله بالغ أمره.. فجاءت الدعوة الإسلامية على هذا الأسلوب، لتعيش فى الناس، ما دام للناس حياة فى هذه الحياة! قوله تعالى:«وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً» .
فى هذه الآية أمور:
- أولها: قوله تعالى: «وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ»«إذ» هنا ظرفية، تشير إلى وقت قيل فيه هذا القول للنبىّ.
فمتى كان ذلك؟ وما هو القول الذي قاله سبحانه وتعالى للنبىّ؟ وقيل هذا وذاك.. ما معنى الإحاطة بالناس؟ وما المراد منها؟
إحاطة الله بالناس، علمه بهم، علما محيطا، كاشفا لكل شىء منهم..
وإذن فكل آية فى القرآن جاءت تحدّث عن علم الله، صالحة لأن تكون هى هذا القول الذي قيل للنبىّ، والذي دعى هنا إلى تذكّره..