مطبقا على البيئة التي يعيشون فيها. وفى تخليص أنفسهم من هذا الضلال، وفى التضحية بالأهل، والمال، والوطن، فى سبيل العقيدة، والفرار من وجه الفتنة فيها!.
وماذا يعود على من يقف على هذه القصة، إذا هو علم على وجه التحديد، عدّة هؤلاء الفتية وعدد السنين التي لبثوها فى كهفهم؟.
إن كثرة العدد أو قلته- سواء فى الأشخاص أو فى السنين- لا يقدّم ولا يؤخّر كثيرا أو قليلا، فى مضمون القصة ومحتواها، وفى الأثر النفسي الذي تحدثه، وفى المعطيات التي تجىء منها وتقع موقع العبرة والعظة! وفى قوله تعالى:«فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً، وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً» إلفات إلى النبىّ الكريم، بألا يقف من مقولات القائلين فى أصحاب الكهف، وفى تحديد الزمن الذي عاشوا فيه، والبلد الذي كانوا من أهله، وفى أسمائهم، وأسماء ملوكهم، ورؤسائهم.. إلى غير ذلك- ألا يقف النبىّ من هذه المقولات موقف الباحث الطالب للحقيقة.. فكل هذه قشور، لا لباب فيها، وإنما اللباب، هو الأحداث والمواقف، واتجاهات تلك الأحداث وهذه المواقف..
والمراد بالمراء الظاهر هنا، هو، ألا يدفع النبىّ ما يقول القائلون فى عدّة أصحاب الكهف، وأسمائهم، وأزمانهم، وغير هذا، وألا يستقصى الحقيقة فى هذا. فالحقيقة، وما وراء الحقيقة، سواء فى هذا المقام! فأى جديد يدخل على محتوى القصة إذا كان عدد أصحاب الكهف كذا أو كذا، أو كان أسماء أبطالها فلانا، وفلانا وفلانا، أو غير فلان وفلان وفلان؟ وقل مثل هذا، فى الزمن الذي الذي لبثوه فى الكهف، وفى البلد الذي جرت فيه أحداث القصة!