طيّا لهذا الحديث عن لبث أصحاب الكهف فى الكهف، وإلفاتا للنبىّ إلى كتاب الله الذي معه، وإلى ما نزل إليه من ربّه، فى شأن أصحاب الكهف، الذين يكثر الحديث عنهم، ويدور الجدل حولهم.. وإنه بحسب النبىّ فى هذا أن يتلو ما أوحى إليه من كلمات ربّه، وألا يلقى أذنه إلى ما يدور فى مجالس القوم وأنديتهم، من حديث عن أصحاب الكهف.. فما جاء به القرآن الكريم، هو الحق الذي لا ينقص أبدا، ولا يتبدّل على الزمن، بما يستجدّ من أخبار، وما ينكشف من آثار:«لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ» .
«وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً» .. والملتحد هو الملجأ، وهو الذي يفرّ إليه الإنسان فى الأزمات، وليس للنبى ملجأ إلا الله، فى كل أمر يطرقه، وفى هذا الامتحان الذي يمتحن به فى أصحاب الكهف من المشركين، وأعوان المشركين.
قيل إن هذه الآية نزلت فى شأن بلال وصهيب، وغيرهما من المستضعفين من المسلمين الأولين، فى مكة، وأنها دعوة للنبىّ الكريم أن يجعل عاطفته كلها مع هؤلاء المستضعفين، وألا يصرفه عنهم صارف الاهتمام بأصحاب السيادة والرياسة فى قريش، طمعا فى هدايتهم إلى الله، ليكون له منهم سند للدعوة الإسلامية، وقوة تدفع عن المسلمين الأذى والضرّ، مما لا تفتر قريش عن سوقه إليهم.
وإذا صح سبب نزول هذه الآية على هذا الوجه، فإن المراد بها قبل كل