كان على أثرهم، وإنما تعنى أن سلطان الملك قائم عليهم، كما فى قوله تعالى:
«مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ»(١٦: إبراهيم) أي أنها مسلطة على هذا الظالم، محيطة به، لا يفلت منها..
هذه واحدة! وقد تلقّاها موسى بأذن واعية، وقلب متفتّح.. فأشرق وجهه، ولمعت عيناه ببريق السّكينة والرضا.. ثم ها هو ذا يصبح كلّه كيانا مستمعا لما يقول صاحبه، فى أمر هذا الغلام الذي سفك دمه، من غير ذنب ظاهر! ويجيئه الجواب فى غير مهل:
إنه تأويل مستند إلى احتمالات المستقبل، وقائم على توقعات يمكن أن تقع أو لا تقع!! وكيف لموسى أن يتحقق من إرهاق هذا الغلام لوالديه- بعد أن يكبر- بما يكون منه من طغيان وفجور، وإفساد فى الأرض، وكفر بالله؟
وكيف يحكم على هذا الغلام البريء بما سيكون منه بعد سنين؟ إن ذلك مجرد فرض يفترض! وأكثر من هذا، فإن كلمة «فخشينا» تشعر بأن العبد الصالح نفسه لا يرى الأمر أكثر من مجرد احتمال غير متيقّن.. إنه مجرد خشية.. والخشية قد تقع، وقد لا تقع! ولكن يقوم بين يدى موسى شاهد يدفع هذه الوساوس، ويذهب بتلك الشكوك..