للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففى خرق السفينة.. إرادة مطلقة للإنسان، ومشيئة خالصة له، يتصرف بها كيف يشاء.. هكذا: «فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها» .

وفى قتل الغلام، تبدو مشيئة الإنسان مختلطة مع مشيئة الله، داخلة فيها..

هكذا: «فَخَشِينا» .. «فَأَرَدْنا» .. فهذا الضمير يشير إلى أن العبد الصالح ليس وحده هنا، وإنما هو مع مشيئة مشىء، وإرادة مريد! وفى إقامة الجدار.. يتجرد العبد الصالح من كلّ مشيئة وإرادة.. إنه هنا ليس أكثر من أداة منفذة لمشيئة الله، عاملة بإرادته..

وهكذا الإنسان، فى هذه الحياة، وفى كل ما يأخذ أو يدع من أمورها..

إنه يمرّ فى ثلاث مراحل، مع كل أمر يعالجه..

المرحلة الأولى.. يبدأ فيها العمل، وكأنه مطلق من كل قيد يتسلط على إرادته..

والمرحلة الثانية.. يعالج فيها العمل، وهو مصطحب هذا الإحسان بالحرية الكاملة فى أخذ الاتجاه الذي يتجهه.. ولكنه يجد أثناء العمل ما قد يعترض طريقه، فيعثر، أو ينحرف، أو يأخذ طريقا غير هذا الطريق الذي بدأ منه..

والمرحلة الثالثة.. يأخذ فيها العمل صورته النهائية، ويصبح أمرا واقعا، مؤثرا فى حياة صاحبه بما يسرّ أو يسوء، وبما يحمد أو يكره..

وهذه المرحلة الأخيرة التي ينتهى عندها العمل، هى الإرادة العليا، وهى القدر المقدور، الذي لا بد أن يصير إليه الأمر.. مهما تكن إرادة الإنسان على وفق هذه الإرادة أو خلافها..!

تلك هى بعض الأسرار التي لاحت لنا من خلال نظرنا الكليل.. وهناك

<<  <  ج: ص:  >  >>