«والواقع أن كل نشاط خالق، هو نشاط حرّ.. فالخلق يضاد التكرار، الذي هو من خصائص الفعل الآلى..»«١»
والذي نود أن نقرره، هو أن فى كل شىء أسبابا مودعة فيه، وأن الأسباب تنتج مسبباتها، عند تحريكها بأسباب أخرى مناسبة لها..
أما التلازم بين الأسباب والمسببات، فليس يعنينا أن يكون هذا التلازم محكما مصمتا لا يتخلف، أم أن تكون فيه خلخلة تسمح بتخلف المسببات عن الأسباب، ما دمنا نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى، هو خالق الأسباب، وهو خالق المسببات! والتلازم أو غير التلازم هو مما قضت به حكمته، وشاءته مشيئته وعلمه..
ولكن الذي يجب أن نعرفه، وأن نقيم وجودنا عليه، هو أن ملاك أمرنا فى هذه الحياة قائم على أن نحرك الأسباب المودعة فى الأشياء، على الوجه الذي اهتدت إليه عقولنا، وأن ننتظر النتائج المقدرة لهذه الأسباب، على حسب ما نتوقعه ونرجوه منها.
فنحن نبنى حياتنا على المستقبل أكثر من الحاضر الذي نعيش فيه.. وهذا المستقبل إنما نبنيه على أسباب نحركها ونرقب ثمرتها.. إننا نزرع وننتظر الحصاد، وهيهات أن يزرع زارع ولا يجنى ثمرة ما زرع، وهيهات أن نجنى ثمرا دون أن نزرع ما يعطى هذا الثمر!! يقول الفيلسوف «إقبال» :
«فالنفس وهى مطالبة بالعيش فى بيئة مركبة.. لا تستطيع أن تحتفظ