بوجودها فى تلك البيئة دون أن تردها إلى نظام يعطيها- أي النفس- نوعا من الضمان فيما يتعلق بسلوك الأشياء الموجودة حولها..
«وعلى هذا، فإن نظر النفس إلى بيئتها باعتبارها نظاما (مكونا) من علة ومعلول، هو وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها..
«والواقع أن النفس- بتأويلها للطبيعة على هذا النحو- تفهم بيئتها، وتسيطر عليها، فتحصل بهذا على حريتها، وتزيدها قوة ونماء»«١» .
() ونود هنا أن بعد هذه المقدمة، أن ندير النظر إلى قصة موسى والعبد الصالح..
ففى هذه القصة درس عملىّ ينكشف منه وجه القضاء والقدر، ومدى ما يمكن أن تطوله يد الإنسان، وتبلغه قدرته، تحت سلطان القضاء والقدر، وما يعمل فيه الإنسان من أسباب، وما يقع له من مسببات..
لقد كان موسى فى هذه القصة، ممثلا للإنسانية فى حدودها التي أقامها الله عليها، وفى تصرفاتها مع الأشياء على مقتضى ما تعلم منها بإمكانياتها المحدودة، على حين كان العبد الصالح، ممثلا للعالم العلوي، عالما ما وراء المحسوس، يستملى معارفه من عالم النور.. فيرى بعين الغيب، عواقب الأمور، ويصل إلى نتائجها الحاسمة، قبل أن تتحرك الأسباب، وتتولد المسببات!.
موسى يمثّل الإنسان، من حيث هو كائن محدود القدرة، لا يرى من الأشياء إلا ما على السطح، أو ما وراء السطح بقليل.. أما أعماق الأشياء