يقع فى تصوّر بعض المشركين أن يتنزّل عليهم الوحى وأنّهم إذا عبدوا الملائكة أو تقربوا إليهم، قد يكون لهم ما كان لهؤلاء الأنبياء، ومنهم محمد صلوات الله وسلامه عليه، الذي يحدّث قريشا بأنه يوحى إليه من ربه! - فكان قوله تعالى:«وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ» قطعا لهذه الأمانىّ الباطلة، التي يمنّى بها بعض المشركين أنفسهم، حتى لقد قالوا ما حكاه القرآن عنهم:«لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ»(٣١: الزخرف) وما حكاه عنهم فى قوله سبحانه: «لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ»(٢١: الفرقان) .
وقوله تعالى:«لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ» إقرار من الملائكة بما لله سبحانه وتعالى من سلطان مطلق، لا يملك أحد معه شيئا، حتى أقرب المقربين إليه، وهم الملائكة.. إن الله سبحانه وتعالى يملكهم، ويملك كل ما يعملون فيه.. فى ماضى أمرهم، ومستقبله، وما بين ماضيه ومستقبله..
- وقوله تعالى:«وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» هو مما أعلته الملائكة عن علمه سبحانه وتعالى وقدرته.. وأنه جلّ شأنه لم يكن عن نسيان منه، هذا التأخير فيما يوحى به إليك أيها النبىّ.. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.. وإن هذا التأخير لحكمة يعلمها الله، وعن تقدير قدّره..