ولهذا فهو وحده- سبحانه- المستحقّ للعبادة.. «فَاعْبُدْهُ» أيها النّبىّ «وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ» أي وطّن نفسك على العبادة وحمل أعبائها.. فهى تكاليف، لا يقوم بها على الوجه الأكمل إلا من راض نفسه على الصبر.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ»(٤٥: البقرة) .. وما يشير إليه قوله تعالى:«وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها»(١٣٢: طه) .
وقوله تعالى:«هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» استفهام يراد به نفى الشبيه والمثيل لله سبحانه وتعالى.. والسّمىّ، هو الذات المسماة باسم من أسماء الألوهية، مثل الرّبّ، والإله.. ونحو هذا، فهذا المسمّى وإن أخذ الاسم فإن هذا الاسم، لا يعطيه شيئا مما لله سبحانه وتعالى، من قدرة، وعلم، وحكمة، وإحياء، وإماتة وغير هذا مما تفرّد به المولى، جلّ وعلا..
قوله تعالى:«وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا» ..
هو إنكار لهذا القول المنكر الذي يقوله الذين لا يؤمنون بالبعث، وهو استبعادهم أن يبعث الموتى، بعد أن تبلى أجسادهم، وتحلل وتصير ترابا..
والإنسان هنا ليس إنسانا بعينه، وإنما هو جنس للإنسان، يدخل فيه كل من يقول هذا القول، ويعتقده..
هو ردّ على هذا الإنسان الذي يمثل الإنسانية الضالة المنكرة للبعث، التي يقال على لسانها هذا القول:«أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا؟» أفلا يذكر هذا الإنسان كيف كان خلقه؟ ثم ألا يذكر أين كان هو قبل أن يولد؟ لقد كان عدما، لا وجود له، ثم صار هذا الكائن الذي يقف من ربّه موقف المحادّ المحارب؟
ثم لينظر هذا الإنسان: أخلق مخلوق من عدم.. أهون، أم خلق مخلوق