قيل إن هذه الآية نزلت فى بعض مشركى قريش، ولم يتفق المفسّرون على واحد بعينه، قيل فيه هذا القول..
وهذه الروايات المتعارضة المتضاربة فى أسباب النزول، تدعونا إلى أن نسقط هذه الآراء جميعها، ولا نأخذ بواحد منها، إذ أن ذلك يعد ترجيحا بلا مرجّح! والذي نطمئن إليه، هو أن الآية تشير إلى الرجل صاحب الجنتين، الذي جاء ذكره فى سورة الكهف، فى قوله تعالى:«وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً» .. (٣٦: الكهف) .
فالآية إلفات إلى قصة هذا الرجل، وقد سمعها المشركون من قبل، فيما كان يتلوه النبىّ عليهم من آيات ربّه.. وهذا يعنى أن سورة مريم، قد نزلت متأخرة عن سورة الكهف.
هو استفهام إنكارى، ينكر فيه على هذا المتألّى على الله.. الكافر به، هذا الادعاء الذي يدعيه، وأنه سيؤتى يوم القيامة مالا وولدا.. مثل ما أوتى فى الدنيا المال والولد.. فهل اطّلع الغيب، وقرأ ما سطر له فى علم الله؟
أم أنه اتخذ عند الله عهدا بذلك؟ .. إنه لا هذا ولا ذاك، فكيف صحّت عنده هذه الدعوى، وعلى أي أساس أقامها؟ إنه لا شىء إلّا الوهم الذي يمليه الضلال، ويزين وجهه الهوى «أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً»(٨: فاطر) .