للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك هى ملاك دعوة الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده، وهم بشر مثل هؤلاء البشر.. ودعوتهم جميعا هى أنه لا إله إلا الله، وأنه وحده المستحق لأن يفرد بالألوهية والعبادة.. فكانت دعوة كل رسول إلى قومه مفتتحة بهذا النداء: «يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» ..

قوله تعالى:

«وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً.. سُبْحانَهُ.. بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» .

هو إشارة إلى أهل الكتاب، الذين أشار إليهم سبحانه وتعالى فى قوله:

«ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ» فأهل الكتاب هؤلاء، من اليهود والنصارى، قد جاءهم رسولان، كريمان، بشران، من عباد الله هما: موسى، وعيسى، عليهما السلام، فدعواهم إلى الإيمان بالله وحده، ولكنهم قلبوا وجه هذه الدعوة، فجعل النصارى المسيح ابنا الله، وجعل اليهود عزيرا ابن الله. كما اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، وفى هذا يقول الله تعالى:

«وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ: «بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ» أي أن المسيح وعزيرا والأحبار والرهبان، هم من عباد الله، أكرم بعضهم واصطفاه لرسالته، كما أكرم واصطفى كثيرا من عباده ورسله بالنبوّة والرسالة، وكما أكرم كثيرا منهم بالإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>