للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: «لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ، وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» هو صفة لهؤلاء العباد المكرمين، الذين اتخذهم الضالون آلهة من دون الله، فهؤلاء الرسل، هم على طاعة مطلقة لله.. لا يسبقونه بالقول، فلا يقولون إلا ما يقال لهم من قبل الحق، ولا يعملون عملا إلا ما يأذن الله لهم به.. فكيف يكون من هذا شأنه إلها مع الله؟ وهل يكون إلها من لا يملك من نفسه الكلمة، ولا العمل؟

قوله تعالى:

«يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ» .

أي أن هؤلاء العباد المكرمين من رسل الله، لا يعلمون إلّا ما علمهم الله، ولا يملكون إلا ما يأذن الله لهم به.. وهو سبحانه يعلم من أمرهم ما لا يعلمون، فيعلم «ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» أي ما لم ينكشف لهم من مسيرة حياتهم بعد، ويعلم «ما خَلْفَهُمْ» أي ما انكشف لهم من ماضى حياتهم قبل أن يتلبسوا به..

«وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى» أي ولا يملكون الشفاعة لأحد، إلا لمن ارتضى الله سبحانه وتعالى لهم أن يشفعوا فيه، تكريما لهم، ومضاعفة لإحسانه إليهم. «وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» أي وهم- مع هذا الإيمان، وهذا الولاء- على خشية وإشفاق من الله، ومن بأس الله وعذابه..

- وقوله تعالى: «وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ.. كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ» - هو استبعاد لأن يكون من رسل الله قول كهذا القول الذي يقوله فيهم الضالون، الذين اتخذوهم آلهة.. ولو فرض- وهو فرض محال- أن يقول أحد منهم إنى إله من دون الله، فلا يعصمه قربه من الله، وإكرامه إياه، من أن يؤخذ بما يؤخذ به أي عبد من عباد الله، يقول هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>