للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى فلكهما، كما للشمس سلطان على كل ما يقع فى فلكها،. ولهذا جاء قوله تعالى: «كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» مسندا فيه الفعل إلى هذه المخلوقات بضمير العاقل، ليشير بذلك إلى أنها كائنات تسير على هدى، فلا تزلّ، ولا تنحرف، حتى لكأنها موجهة بإرادة عقل رشيد حكيم.. فهى وإن بدت لنا أنها غير عاقلة، فإن نظامها الذي تجرى عليه ليدلّ على أنها تتحرك بتوجيه قوة عاقلة حكيمة، إن لم تكن فى ذاتها فهى قائمة عليها..

أما حين لا تراد هذه المخلوقات لذاتها، وإنما تراد آثارها، أو بعض آثارها، فإن التعبير القرآنى عن ذلك يجىء بلفظ «الجعل» لا «الخلق» ..

مثل قوله تعالى: «وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً» (٩٦:

الأنعام) وقوله سبحانه: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً» (١٢: الإسراء) ..

وفى ضمير الجمع العاقل فى «يَسْبَحُونَ» إشارة إلى أنه وإن كان لكل مخلوق من هذه المخلوقات فلك يسبح فيه، فإنها جميعا ينتظمها فلك عام، هو فلك الوجود كله، الذي يحوى كل فلك! قوله تعالى:

«وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ» .

كان المشركون يستثقلون مقام النبىّ الكريم فيهم، وقد ساقوا إليه من ضروب السّفه، وألوان الأذى، النفسي والمادي، فى نفسه، وفى أصحابه، ما لا يحتمله إلا أولو العزم من الرسل.. فلما ضاقوا به ذرعا، وأعيتهم الوسائل فى صده عن دعوته إلى الله- كان ممّا يعزّون به أنفسهم، ويمنّونها الأمانىّ فيه، أن ينتظروا به تلك الأيام أو السنين الباقية من عمره، وقد ذهب أكثره،

<<  <  ج: ص:  >  >>