وتستسيغ طعمه، لما ترى فيه من خلاص لها من هذا القيد، الذي أمسك بها عن الانطلاق إلى عالمها العلوي، حيث تروى ظمأها، وتبرّد نار أشواقها، وتنعم فى جنات النعيم التي وعد الله المتقين..
أما النفس الضالة الآثمة، فإنما يحضرها عند الموت، حصاد ما عملت من آثام، وما ارتكبت من منكرات، وتشهد ما يلقاها من غضب الله وعذابه، فتكره الموت، وتجد فيه ريح جهنم التي تنتظرها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
وفى قوله تعالى:«وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ» إشارة إلى ما يقع للناس فى دنياهم مما يرونه شرا أو خيرا.. فذلك كله ابتلاء لهم، واختبار لما يكون منهم مع الشرّ من صبر أو جزع، ومع الخير من شكر أو كفر..
فما تستقبله النفوس مما يكره، هو ابتلاء لها على الرضا بقضاء الله، والتسليم له.. وما تستقبله مما يحبّ، هو امتحان لها كذلك، على الشكر والحمد لما آتاها الله من فضله وإحسانه..
فالنفوس المؤمنة، لا تجزع من المكروه، ولا تكفر أو تبطر بالمحبوب، لأن كلّا من عند الله، وما كان من عند الله فهو خير كله، محبوب جميعه.. هكذا تجده النفوس المؤمنة بالله، العارفة لجلاله، وعظمته، وحكمته..
أما النفوس الضالة عن الله، فإنها إن أصابها شىء من الضرّ، جزعت، وزادت كفرا وضلالا، وإن مسّها الخير، نفرت نفار الحيوان الشرس، واتخذت من نعمة الله سلاحا تحارب به الله، وتضرب فى وجوه عباد الله..