للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى هذا يقول الله تعالى: «إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ» (١٩- ٢٧: المعارج) .

ونحبّ أن نقف هنا وقفة، مع قضية «الخير والشرّ» .. نعالج فيها ما يدور فى بعض الرءوس من تساؤلات عن «الشرّ» وعن الحكمة فى أن يقع فى هذه الحياة، وعن ابتلاء الناس به، وعن نسبته إلى الله.. إلى غير ذلك مما سنعرضه مفصلا فى المبحث التالي:

[الخير.. والشر] التّلازم بين الخير والشر:

ينزع العقل دائما إلى المزاوجة بين الأشياء التي تعرض له، وتدور فى محيط تفكيره.. فلا يكاد أمر من الأمور يقع فى مجال النظر العقلي، حتى يستثير له العقل من عالم الواقع، أو عالم الخيال، كائنا آخر، يقف منه موقف التضادّ والعناد، ليرى فيه كل الصفات السلبية للأمر الذي بين يديه.. فإذا ذاق المرء طمعا حلوا، ذكر الطعم المرّ، وإذا لمس اللّبن استشعر الخشن، وإذا فكر فى الحق، تذكّر الباطل.. وهكذا تعيش الأشياء، من المعاني والمحسوسات، فى عالم الحسّ والفكر، مثنى.. مثنى.. الأمر وضدّه.

ومحال أن يعترف العقل فى عالم الواقع، بالوجود الفردىّ لشىء من الأشياء، أو معنى من المعاني.. حتى لكأن الأشياء والمعاني كائنات حيّة، لا يضمن بقاءها ووجودها، إلا هذه المزاوجة! التي تجمع بين الشيء ومقابله، كما تجمع فى عالم الأحياء بين الذكر والأنثى..!!

<<  <  ج: ص:  >  >>