للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصورات والفروض.. وطبيعىّ ألا يكون للإنسان حظ بارز فى هذه الفلسفة.

وكانت دعوة «أرسطو» إلى النظر فى عالم الواقع والحسّ، فى كلمته المشهورة: «اعرف نفسك» - كانت هذه الدعوة جديرة بأن تؤتى ثمارها، لو أنها تناولت الإنسان من حيث هو كائن حىّ من كائنات الطبيعة.. ولكن هذه الدعوة نقلت الفلسفة من النظر فى السماء، إلى النظر فيما وراء المحسوس من الإنسان.. من روح، ونفس، وعقل، ولم توجّه النظر إلى المادة، ومظاهر الطبيعة التي يعيش الإنسان فيها، بل ويعيش منها وعليها..

أما فى هذا العصر، ومنذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادى، فقد فتن الناس بالواقع التجربي، الذي يقوم على الاختيار الحسىّ، وأصبحت المعامل التجريبية لعلوم الطبيعة وظواهرها، ميدان الصراع العقلي بين العلماء..

فتلون التفكير الفلسفي بالصبغة العملية، وتغير منهج الفلسفة.. فبعد أن كانت مراحل التفكير الفلسفي تبدأ من السماء، ثم تنتهى أو لا تكاد تنتهى إلى الأرض- أصبحت الفلسفة تبدأ من الأرض، ثم تنتهى أو لا تنتهى إلى السماء..!

وطبيعى أن يظفر الإنسان بالنّصيب الأوفر من عناية الفلاسفة المعاصرين..

إذ كانت الطبيعة موضوع فلسفتهم، وكان الإنسان هو أعلى، وأعظم ظاهرة فيها..

ولما كان الخير والشرّ جانبين بارزين فى تكفير الإنسان، وفى سلوكه، فقد عنيت بهما الفلسفة، فيما عنيت به من شأن الإنسان، وحاولت الفلسفة جهدها أن تحدد «القيمة» لكل من الخير والشرّ، وأن تضع الموازين والضوابط لهما..

<<  <  ج: ص:  >  >>