إن ربّان السفينة إذا أدار محركها أو فرد قلوعها، هو هالك لا محالة، إذا هو لم يعرف الوجهة التي يتجه إليها، وإذا لم يكن معه «بوصلة» أو ما يشبهها، ليستعين بها على معرفة الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وإذا لم يكن معه «بوصلة» أخرى أو ما يشبهها، يقيس بها الأعماق، أو يستدلّ بها على مهابّ الرياح! والإنسان هو سفينة فى محيط هذه الحياة.. ربّانه العقل، وقلوعه النفس، ونزعاته وأهواؤه، هى التي تملأ قلوعها وتدفعها..!
لا بد إذن من «بوصلة» تضبط سيره، وتحدد وجهته..
وما غفلت قدرة الحكيم العليم عن هذا.. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا..
وكيف، وهو الذي أعطى كلّ شىء خلقه.. ثم هدى» ؟
لقد أودع الخالق العظيم فى الإنسان أدقّ «بوصلة» وأضبطها.. إنها «القلب» .. وحسبك بالقلب السليم «بوصلة» عاملة فى سفينة الحياة! لقد اعتمد الإسلام على القلب فى تقويم الأخلاق، وفى التعرف على الخير والشر، والحسن والقبيح.. ووكل إليه الفصل فى خير الأمور وشرها، وحسنها وقبيحها..
إن القلب فى نظر الإسلام، هو العين الباصرة، التي تكشف للإنسان مسالكه، وتحديد المستقيم والمعوجّ من طرقه..
وفى القرآن الكريم آيات كثيرة تتجه إلى القلب وتتحدث إليه.. فيقول سبحانه وتعالى:«إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ»(٣٧: ق) ويقول