وتلك هى الأمة الإنسانية، التي يبعث الله فيها رسله، ويصطفى منها من يشاء من عباده.. فهذه هى الأمّ التي ينتسب إليها كل إنسان، وفيها هذه الوجوه المشرقة التي عرضتها الآيات السابقة، والتي ينبغى أن يقيم الناس وجوههم عليهم، وأن يقتدوا بهم، فهم جميعا من طينة واحدة، وإنما يكون التفاوت بينهم بالجهد الذي يبذله الإنسان منهم، لإعلاء إنسانيته، ورفعها عن هذا الطين!! وفى قوله تعالى:«أُمَّةً واحِدَةً» إشارة إلى تلك الوحدة التي تجمع الناس جميعا. وتجعل منهم مجتمعا واحدا، وإن اختلفوا ألسنة، وتباينوا ألوانا، وتناءوا ديارا وأوطانا..
وقوله تعالى:«وَأَنَا رَبُّكُمْ.. فَاعْبُدُونِ» أي أنه سبحانه ربّ جميع الناس، وراعيهم وكالئهم، فكلهم خلقه وصنعة يده، وكلهم غذىّ نعمته وإحسانه.. تقلّهم أرضه، وتظلهم سماؤه، وتغاديهم وتراوحهم نعمه..
وإذا كان هذا صنبعه بهم، وشأنه فيهم، فهو المستحق للعبادة والطاعة والولاء..
فمن شرد عن الله، وبعد عن مكانه الذي ينبغى ان يأخذه بين عباده، وأبى أن يستمع لناصح، أو يستجيب لداع، أو يحفل بنذير، فقد سعى بنفسه إلى حتفه، وأزهق روحه بيده..
وانظر مرة أخرى فى قوله تعالى:«إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً.. وَأَنَا رَبُّكُمْ.. فَاعْبُدُونِ» تجد هذه المعادلة: