الذي معه، دون التفات إلى ما فى أيدى أهل الكتاب، ودون استماع لما يلقون إليه من مسائل يريدون بها إثارة الجدل وبعث الشكوك عند المنافقين ومن فى قلوبهم مرض..
فهذه الآية الكريمة، تدعو النبىّ إلى أن يمضى فى طريقه، وأن يدع أهل الكتاب وما يجادلون فيه، وحسبه أن يلقاهم بقوله تعالى:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ» أي ليس لى أن أحاسبكم على افترائكم الكذب على الله، فإن الله سبحانه هو أعلم بما أنتم عليه- ظاهرا وباطنا- وهو- سبحانه- الذي يتولى حسابكم وجزاءكم..
إمّا أن يكون من كلام النبىّ الذي أمره الله سبحانه وتعالى أن يقوله للمجادلين من أهل الكتاب، أي قل لهم:(الله أعلم بما تعملون) وقل لهم (الله يحكم بينكم إلخ) وعلى هذا يكون الخطاب موجها إليهم، وأن الله سبحانه سيحكم بينهم فيما اختلفوا فيه من مقولات، فكانوا فرقا وشيعا، أو فيما اختلفوا فيه مع النبىّ، فكانوا حربا عليه، وعداوة له..
وإمّا أن يكون ذلك استئنافا، وليس من مقول القول.. وعلى هذا يكون الخطاب عاما موجها إلى الناس جميعا.. بمعنى أن الله سبحانه سيفصل بين الناس فيما وقع بينهم من خلاف، سوء أكان خلافا واقعا بين أهل الشريعة الواحدة، أو بينهم وبين غيرهم من أصحاب الشرائع الأخرى.. ويكون هذا تعقيبا على قولة تعالى:«لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ» ..
قوله تعالى:
«أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» هو إلفات إلى سعة علم الله سبحانه وما يقع فى محيط هذا العلم من