للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمال الناس- ظاهرة وباطنة- وهو بهذا العلم يكشف مستورهم، ويحاسبهم ويقضى بينهم.

فهو سبحانه، يعلم ما فى السماء والأرض.. لأن كل ما فيهما صنعته، والصانع لا يخفى عليه شىء مما صنع «أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» (١٤: الملك) - وقوله تعالى: «إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ» أي أن هذا العلم الذي يحيط بأسرار الوجود كله، هو مودع فى كتاب عند الله.. فكل ما كان أو يكون فى هذا الوجود كله- فى أرضه وسمائه، وفيما بين أرضه وسمائه- مودع فى هذا الكتاب.. كما يقول سبحانه: «وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» (٧٥: النمل) وهذا الكتاب هو اللوح المحفوظ الذي هو أول ما خلق الله بعد القلم..

- قوله تعالى: «إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» هو دفع لما يقع فى بعض العقول القاصرة التي لا تعرف قدر الله- من شعور باستعظام هذه المعلومات التي تحصى كل شىء، وتقدّر كل شىء، لكل مخلوق، صغر أو كبر، وأخذ هذا القول على سبيل المبالغة أو التجوز.. فكان قوله تعالى: «إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» تأكيدا لعلم الله، وسعة هذا العلم وشموله، وأن هذا الوجود كله لا يعدّ شيئا إلى علم الله، الذي أحاط بكل هذا الوجود ولا يحيط الوجود كله بشىء من علمه إلا بما يشاء..

قوله تعالى:

«وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ» ..

الضمير فى «يَعْبُدُونَ» يراد به المشركون، الذين يعبدون آلهة دون الله.. ولم يكن للمشركين ذكر هنا حتى يعود هذا الضمير إليهم.. فالحديث عنهم بضمير الغيبة، إبعاد لهم، وإنكار لوجودهم فى مجتمع العقلاء، الذين هم أهل للخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>