- وقوله تعالى:«ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً» - المراد بالسلطان هنا الكتاب السماوىّ، الذي يدعو إلى عبادة المستحق للعبادة، وهو الله سبحانه وتعالى..
وهؤلاء المشركون يعبدون آلهة تنكر الكتب السماوية عبادتها- فهم إذ يعبدونها فإنما يعبدون ما لا دليل فى أيديهم على استحقاقه العبادة:«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ» . (٨: الحج) - وقوله تعالى:«وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ» - هو اتهام للمشركين بأنهم إنما يعبدون ما يعبدون من دون الله، عن هوى وضلال، وعن جهل وغباء..
فلا دليل فى أيديهم من كتاب، ولا حجة معهم من علم أخذوه عن نظر ودرس فى صحف هذا الوجود.. فقد يهتدى الإنسان إلى الله بعقله ونظره.. فإن لم يكن له عقل ونظر، فهذا كتاب الله، فيه الهدى لكل من ضل، والعلم لكل من جهل.. وهؤلاء المشركون، لم يكن لهم عقول ينظرون بها، أو قلوب يعقلون بها، فلما جاءهم الكتاب، ليبصّرهم من عمى، وليعلمهم من جهل، ردّوه بأيديهم، وأصمّوا آذانهم دونه..
- وقوله تعالى:«وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ» هو تهديد لهؤلاء المشركين، الذين ظلموا الحق، فلم يطلبوه من كتاب الله، وظلموا أنفسهم، فلم يستعملوا حواسّهم وملكاتهم فى النظر لما فيه هدايتهم، فركبوا مراكب الضلال، والهلاك.. وليس لهم من يستنقذهم من هذا الضلال، ويدفع عنهم يد الهلاك، وقد وقعوا فى شباكها.