وغيرهم من أصحاب النار، خيرا من العدم، والله سبحانه وتعالى يقول: َوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً»
(٤٠: النبأ) أيتفق هذا وذاك الذي نقول به..؟
ونقول: إن الحياة بعد الموت نعمة لأهل الجنة وأهل النار جميعا، وهى خير من العدم! أيّا كانت صورة تلك الحياة، وأيّا كان مصير الأحياء فيها.. نقول هذا، وبين أيدينا كثير من الشواهد، من كتاب الله..
فأولا: من أمنيّات أهل النار فى النّار أن يردّوا إلى الحياة الدّنيا.. وذلك فى كثير من الآيات القرآنية، كما يقول سبحانه وتعالى عنهم:«وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»(٢٧: الأنعام) وكما يقول سبحانه فى هذه السورة على لسان أهل النار: «رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ»(الآية: ١٠٧) وكما يقول جل شأنه على لسانهم أيضا: «رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ»(٤٤: إبراهيم) .
وهذا يعنى أنهم، وهم فى النار، متمسكون بالحياة، راغبون فيها، على أية صورة كانوا عليها..
وثانيا: أن ما يقوله الكافر فى الآخرة، حين يرى العذاب، وهو قوله:
الَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً»
هو بسبب ما يلاقى الكافرون من بلاء، تضيق به نفوسهم، شأنهم فى هذا شأن كثير من الناس فى هذه الحياة الدنيا حين تحتويهم حياة قاسية، يتمنون معها الموت.. ولكنهم فى الواقع متمسكون بالحياة حريصون عليها.. ولو طلع عليهم الموت فى تلك الحال، لفزعوا منه وكربوا، ولطلبوا المهرب، إن كان ثمة مهرب! وقليل من الناس أولئك الذين يرحلون عن هذه الدنيا، دون أن تنازعهم