وقد بلغ النبىّ صلى الله عليه وسلم، قالة المنافقين، وعلى رأسهم عبد الله بن أبىّ.. واستأذن بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قتل هذا المنافق، وقتل من كان على شاكلته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى عليهم ذلك، وفوّض أمره إلى الله، فى هذا المنافق ومن معه..
أما أم المؤمنين، فإنها كانت فى غفلة عن هذا الذي يتحدّث به المنافقون فى شأنها، وكانت فى تلك الأيام متوعكة، تلازم فراشها- وربما كان ذلك لما أصابها من مشقة السفر.. وقد استشعرت بطبيعة الأنثى إعراضا من النبىّ صلى الله عليه وسلم عنها، إلا أنها لم تعرف لذلك سببا..
كل هذا، والحديث يدور حولها، والعاصفة تزمجر عن يمينها وشمالها، وهى الغافلة عن كل هذا، غفلة أهل البراءة، المشغولة بدينها عن دنياها، شغل المؤمنين بالسماء، عما يشغل به الناس فى الأرض..
وفى ليلة.. خرجت أم المؤمنين، مع قريبة لها، هى أم مسطح، لقضاء حاجة فى الخلاء.. وكان أن عثرت أم مسطح أو تعمدت العثار، لتنطق بتلك الكلمة التي تريد أن تلقى بها إلى أسماع أم المؤمنين، ولتتخذ منها مدخلا إلى الحديث الذي تريد أن تفضى به إليها، وهى فى غفلة عنه- فقالت أم مسطح حين عثرت أو تعاثرت:«تعس مسطح» تريد ابنها مسطحا! فقالت أم المؤمنين بئس ما قلت يا أم مسطح فى رجل شهد بدرا! فقالت أم مسطح: لا، وتعسا له!! أما سمعت ما يقول مسطح؟ فقالت وما يقول؟ .. فأخبرتها ما يدور على الألسنة من حديث الإفك، ومن التهمة الظالمة التي يرميها بها المنافقون، ويتلقاها عنهم كثير من الثرثارين.. ومنهم مسطح!! وهنا تنبهت أم المؤمنين إلى ما كانت غافلة عنه، واسترجعت موقف النبىّ منها، وعرفت سبب إعراضه عنها، وأنه لم يكن لذلك من سبب إلا هذا الحديث،