والمشرق، أو النصف الشرقي من الكرة الأرضية، تختلف طبائع الناس فيه، بين من كان منهم فى أقصى الشرق، ومن كان فى أقصى الغرب من هذا الشرق، وذلك لامتداد المسافة وطولها بين شرق الشرق وغربه، وكذلك الشأن فى الغرب، ولهذا جاء قوله تعالى:«رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ»(١٧: الرحمن) وجاء فى آية أخرى: «فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ»(٤٠: المعارج) .. فالمشرق مشرقان، والمغرب مغربان.. والمشرق مشارق، والمغرب مغارب، وذلك حسب اتساع النظرة التي ينظر بها إليهما.
ولا شك أن وصف الشجرة الزيتونة بأنها لا شرقية ولا غربية، يدلّ على أنها أكرم شجرة زيتون، وأحسنها، وأتمها، إذ كانت تنبت فى أعدل مكان من الأماكن التي تنبت فيها.
ونعود إلى هذا التشبيه الذي شبه به نور الله..
وقد أكثر المفسرون القول فى العائد عليه الضمير فى قوله تعالى:«مَثَلُ نُورِهِ» أهو الله؟ أم المؤمن؟ أم قلب المؤمن؟ أم القرآن؟ أم النبي صلى الله عليه وسلم؟.
والذي تدل عليه الآية صراحة، هو أن هذا الضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى، وأن هذا التشبيه هو تشبيه لنور الله، وإنه لا حرج من أن يشبه نور الله بما يقع لحواسنا من نور، ولله- مع هذا- المثل الأعلى، «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» وقد وصف سبحانه ذاته، بأنه يرى، ويسمع، ويطوى السموات بيمينه، ويصنع من يصطفى من عباده على عينه.. إلى غير ذلك مما هو من صفات الإنسان، وأعماله.. وما ذلك إلا لنعطيه سبحانه، نحن البشر- الوصف الكامل، الذي ننتزعه من عالم الحس الذي نعيش فيه..