هو أسلوب من أساليب القرآن، فى تنويع العرض، وفى إثارة المشاعر، وتحريك العواطف، فى مجال الدعوة إلى الله، وذلك بعرض الناس على مشاهد القيامة، وما يلقون هناك من حساب وجزاء، ثم العودة بهم إلى حياتهم الدنيا، حيث تواجههم الآيات بماهم متلبسون به من كفر وعناد، فيكون لذلك وقعه فى كثير من القلوب القاسية، والعقول المظلمة.. حيث تلين القلوب، وتنقشع الضلالات عن العقول..
وهنا فى هذه الآية، تقرع آذان المشركين كلمات الله، صارخة بشكوى الرسول الكريم من إعراض قومه عنه، وسخريتهم به، واستهزائهم بكلمات الله.. ذلك، وما زالت مشاهد القيامة، التي كانوا بين يديها منذ قليل- ما زالت تلبس كيانهم، وما زال العرق المتصبب من هولها يرشح على وجوههم! ..
وانظر فى قوله تعالى:«وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً» وإلى هذه الكلمات الشاكية الضارعة، وإلى ما تحمل من مشاعر الألم والضيق اللذين يجدهما الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- من هذا الموقف الذي يقفه قومه، من مركب النجاة، التي يدعوهم إليها الرسول، وهم غرقى، يتخبطون فى أمواج الضلال، والهلاك..!
إنك لتستشعر لتلك الكلمات حرارة هذا الدعاء الذي يدعو به الرسول ربّه، إلى هداية قومه، وإلى إنقاذهم مما هم فيه.. إنها رحمات يستمطرها الرسول