- صلوات الله ورحمته وبركاته عليه- من السماء، لتلين هذه القلوب القاسية، ولتبصر هذه العيون العمى!.
وإنك لتجد فى كلمة «قَوْمِي» من الحنو الممزوج بالحسرة والألم، ما تجده فى قول نوح:
«رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي!» .. إن هذا من ذاك، سواء بسواء! وفى قوله تعالى:«هذَا الْقُرْآنَ» .. إشارة إلى أن هذا الخير الذي يتجنبه القوم، بل ويرمونه بالفحش من القول، والهجر من الكلام، وهو اليد البرّة الرحيمة، الودود.. فما أبعد ما بين القوم، وبين هذا القرآن! إنه يحسن ويسيئون، ويتودد إليهم ويحزنون؟؟؟؟، ويروّض ويجمحون، ويسمع ولا يسمعون! وفى قوله تعالى:«مَهْجُوراً» .. بيان جامع لموقف المشركين من القرآن.
وهو أنهم اتخذوه، كما يتخذون الأماكن المهجورة، يلقون فيها بالنفايات، والقاذورات.. فإن ما يخرج من ألسنتهم فى شأن هذا القرآن، هو من ساقط القول، وسخف الكلام، وهجر الحديث! قوله تعالى:
هذا عزاء كريم، من ربّ كريم، للنبىّ الكريم، عن مصابه فى قومه، الذين تفيض نفسه الرحيمة عطفا عليهم، ورحمة بهم.. فهذا حكم الله فى الضالين المعاندين منهم.. وتلك هى سنة الله فى الذين خلوا من قبل.. وأنه مما قضى الله به فى الناس، أن يكون منهم المؤمنون، والكافرون، وأولياء الأنبياء وأعداؤهم..