طيبون، وكافرون، أشرار، خبيثون.. لا يعرف أي من هذه الأطراف، إلا بالمذاق والاختبار، ولا يبين فضل أىّ منها إلا في موقع العمل والتجربة..
وعلى هذا، فإن ما في كيان المؤمنين من إيمان وخير وطيب، إنما تظهر آثاره في مجال العمل، وفي موقع التجربة والاحتكاك بالحياة وبالناس..
وكذلك ما عند الكافرين من كفر وشر وخبث، إنما يعرف حسابه، ويأخذ الوصف الذي له، حين يتحول إلى عمل، واقع في الحياة.. وإلا فالناس جميعا على سواء، ما لم ينكشف ما بداخلهم من خير أو شر، ومن إيمان وكفر، فى صورة سلوك، وعمل..! «وَقُلِ اعْمَلُوا.. فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» .
وثانيا: الناس- وإن ظهروا في صورة واحدة- هم في حقيقتهم، فريقان: مؤمن وكافر، ومستقيم، ومعوج، ومهتد وضال، وطيب وخبيث..
سواء اختبروا أم لم يختبروا، وجرّبوا أم لم يجرّبوا.. هكذا خلقهم الله، وإن توالد بعضهم من بعض، كما يتولد الماء العذب، من الماء الملح.. «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ»(٩٥: الأنعام) .. «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ»(٢: التغابن) .
وفي هذا يقول الرسول الكريم:«النّاس معادن.. خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام» ..
وثالثا: المؤمنون الأخيار في المجتمع الإنسانى، وهم مادة الحياة، وهم الروح الذي يسرى في شرايين كل ما هو نافع، وصالح، لإثبات شجرة الحياة، وإروائها، وإزهارها، وإثمارها، ولو افتقدتهم هذه الأرض، لما كان للحياة أثر فيها- إنهم الماء العذب، الذي هو حياة الأحياء، من نبات، وجماد،