للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عزاء للنبيّ الكريم، لما يلقى في تبليغ رسالته من عنت هؤلاء المشركين، وضلالهم، وما يسوءه من خلافهم عليه، وهم في هذا الضلال الذي لن يسلمهم إلا إلى الهلاك والبوار..

وماذا يفعل الرسول أكثر ممّا فعل مع هؤلاء المعاندين الضالّين.. إنه لا يملك بين يديه قوة تحركهم على أن يركبوا سفينة النجاة معه، وإن كلّ ما يملكه هو كلمات الله، يبشر بها المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا، وينذر الضالين المكذّبين بأن لهم عذابا أليما.. «فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ» (٢١- ٢٢: الغاشية) .

قوله تعالى:

«قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا» .

أي أن الرسول الذي يحمل عبء هذه الرسالة، ويحتمل الأذى في سبيلها من الضالين والمعاندين، والسفهاء- لا يطلب لذلك أجرا على هذا الجهد المضنى الذي يبذله، كما يطلب الناس أجرا لكل عمل يعملونه.. إنه يؤدى رسالة الله خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يتولى جزاءه، وحسن مثوبته.

وقوله تعالى: «مِنْ أَجْرٍ» .. من هنا لاستغراق النّفى، للشىء الذي وقع عليه الفعل، وهو الأجر.. وهذا يعنى أنه لا يسأل على هذا العمل الذي يقدمه لهم أي أجر، وإن قلّ سواء أكان أجرا ماديا من مال ومتاع، أم أجرا معنويا، من جاه وسلطان..

وقوله تعالى: «إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا» ..

إلا هنا أداة استثناء عاملة، وما بعدها مستثنى من عموم النفي الواقع على كلمة أجر..

<<  <  ج: ص:  >  >>