والتقدير: لا أسألكم أجرا على ما أقدم لكم من خير، إلا أجر من شاء أن يتخذ إلى ربّه سبيلا، بالإنفاق في سبيل الله، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، والضعفاء.. فذلك هو الأجر الذي أناله منكم، فهو وإن لم يكن لى، فإنى أحتسبه لى، لأن ما يقدّم لله، وما يؤدّى لعباد الله، هو لى.. وما ينفق فى سبيل الله، هو كأنما ينفق في سبيلى.. إذ ليس لى سبيل إلا سبيل الله..
وهذا مثل قوله تعالى:«قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى»(٢٣: الشورى) فالإحسان إلى ذوى القربى، كالوالدين، والإخوة والأعمام والعمات ونحوهم- هو إحسان إلى النبيّ، وتحقيق لدعوة الخير التي يدعو إليها.. والله سبحانه وتعالى يقول:«وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً»(٢٣: الإسراء) ..
فالإحسان إلى الوالدين، هو من تمام الإيمان بالله، وكأن ذلك الإحسان هو إحسان إلى النبيّ، وهو الأجر الذي يناله من المؤمنين، الذين هداهم الله إلى الإيمان على يديه..
هو معطوف على قوله تعالى:«قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ» - أي: قل لهم هذا القول، ودعهم وما يشاءون، متوكلا على الحيّ الذي لا يموت..
أما كلّ حيّ سواه، ففى كيانه معاول هدمه وفنائه:«كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ»(٨٨: القصص) .. وسبّح بحمد ربك، منزّها له عن الشريك والولد، حامدا له أن هداك إلى الإيمان، وأن جعلك السّراج المنير الذي يهتدى به الضالون، ويسير على سنا ضوئه المؤمنون..