يديها الآيات المحسوسة التي تنطق بقدرة الله وعظمته، وتشهد لرسله بأنهم مؤيدون من عند الله، وأن ما على ألسنتهم هو من كلمات الله، وأن ما بأيديهم هو من آيات الله- مع هذا، فقد عميت من الضالين الأبصار، وزاغت القلوب، فكان العناد والتحدّى، ثم التطاول والتعدّى.. وكان ذلك هو الجواب المحمّل بألوان التكذيب، والتهديد، الذي تلقاه الرسل من أقوامهم، إلا قليلا ممن شرح الله صدره للإيمان منهم، فنجا بنفسه، وكان من المفلحين في الدنيا والآخرة جميعا.
- بعد هذا العرض، جاءت آيات الله، لتعقب على هذه الأحداث، ولتلفت الأنظار إلى الله وعظمته، وإلى ماله في عباده من آيات.. ففى هذا التعقيب يرى المؤمنون والمشركون جميعا ما تحمل كلمات الله، من بيان، تتجلّى فيه نعم الله عليهم، ويبين منها فضله الذي أفاضه على هذا الوجود!.
وقوله تعالى:
«قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ» هو خطاب خاص للنبى، ثم هو عام إلى كل مؤمن بالله.. وفي هذا الخطاب دعوة إلى ذكر الله بالحمد على نعمه التي لا تحصى، والتي أجلّها وأعظمها، هو الإيمان الذي عمرت به قلوب المؤمنين..
- وفي قوله تعالى:«وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى» ذكر يقترن مع ذكر الله، بالتسليم على عباد الله الذين اصطفاهم، واختصهم بالمزيد من فضله، وهم رسله الكرام، كما يقول سبحانه:«سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ»(١٨٠- ١٨٢ الصافات) وفي اقتران ذكر الله بالحمد والثناء عليه، بذكر المرسلين، والدعاء بالسّلام